علم النفس

السرقة عند الأطفال : مفهومها، دوافعها، الممارسات الصحيحة وغير الصحيحة

السرقة بين الأطفال شيئا غير مألوفاً لذلك لا يمكن لأحد الأبوين تخيّل أو معرفة أن طفلهم يسرق لمعالجة الموضوع من بدايته وعادة ما يترتب عقبات على الموضوع حتى يتم اكتشاف تلك الصفة عند الطفل وخاصة في عمر قبل المدرسة. وتقول الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين إنه من الطبيعي أن يأخذ الطفل الصغير شيئا ما يريده، ولا ينبغي اعتبار أن هذه “سرقة” حتى يصبح الطفل في عمر أكبر نسبيا، عادة 5 سنوات، حين يفهم أن أخذ شيء يمتلكه شخص آخر من دون إذنه خطأ. وعادة ما يسرق الطفل من عمر 3 إلى 5 سنوات لأن اهتمامه يكون ذاتياً جداً فيضع نفسه مركز الاهتمام ولا يهتم لمشاعر الآخرين في أخذ ما يريده لنفسه فقط، وبذلك لا يستطيع أن يفهم بأن أخذ شيء من شخص آخر فعلٌ خاطئ.

فالطفل لا يدرك أبدا مفهوم السرقة وأضرارها على نفسه والمجتمع المحيط به ولا الحكم الديني والقانوني والأخلاقي المترتب عليها. فنرى أن الطفل في هذه الفئة العمرية يقوم بالسرقة وأخذ الأشياء علانية دون المعرفة بقيمة الغرض المالية والشخصية وأنه من الخطأ أخذه بدون دفع ثمنه، لذلك لا ينفع العقاب على ذلك ومهما تعددت طرق العقاب يتم الاستمرار بفعل السرقة لأن الطفل يعتقد أنه شيء طبيعي.

مفهومها:

هي سلوك صادر عن حاجة أو رغبة في الاستحواذ أو التملك وتؤدي إلى وظيفة معينة، ولها مظاهر متعددة أهمها الاعتداء على حقوق الغير والخيانة وعدم الوفاء بالأمانة مع سوء التوافق النفسي نتيجة الشعور بالذنب وسوء التوافق الاجتماعي نتيجة لانحراف سلوك صاحبه.

تعريفها:

سرق الأغراض في الطفولة هي محاولة مِلك شيء يشعر الطفل أنه لا يملكه، وتعبر السرقة عن سلوك سلبي يقوم به الطفل من أجل الحصول على ممتلكات الغير لدوافع وأسباب معينة.

دوافعها عند الأطفال:

  1. عدم فهم معنى الملكية:

يعتقد أغلب الأطفال أن السرقة أمر غير خاطئ ولا يستطيعون التفريق بين استخدام ممتلكاتهم وأخذهم لممتلكات الآخرين وهذا راجع لعدم فهمهم لمعنى الملكية، ولفعل الطفل سلوك السرقة بناء على جهل منه فلا نعتبر الطفل سارقاً في هذه الحالة.

  • التشجيع على السرقة:

يشجع الأهل طفلهم على السرقة لخلل ما في البيئة المحيطة بهم وهذا من أكثر الأسباب التي تساعد على استمرار الموقف وعدم معالجته.

  • التقليد:

يسرق الطفل تقليداً لشخص مؤثر عليه في بيئته، كسرقة الأم من الأب أو تقليداً لأصدقاء السوء.

  • الغيرة:

يشعر الطفل بالغيرة من زميل له في الروضة لتفوقه أو حصوله على المدح من المعلمات لذلك يلجأ للسرقة منه بدافع الغيرة وقد يتحول السبب إلى انتقام إذا كانت هناك عواقب شديدة أو مقارنات بينهم.

  • الانتقام:

يسرق الطفل من شخص يعامله معاملة قاسية كرد فعل له أو للانتقام منه.

  •  الإفلات من العواقب:

يسرق الطفل لخوفه من تهديد أحد الوالدين أو غيرهم بالعقاب إذا فقد أو أضاع غرض ما، لذلك يسرق شيء مشابه له من أحد زملائه ليفلت من العواقب. أو أن يسرق واجب زميل له خوفاً من غضب المعلم.

  •  الظروف المادية الصعبة:

كما يسرق الطفل لفقدانه لشيء لا يستطيع شرائه بسبب الفقر أو بخل الوالد أو تخلي الوالد عن نفقة أولاده.

  • إهمال الطفل:

من الممكن أن يسرق الطفل كنتيجة لإهمال يتعرض له، راغباً في جذب الاهتمام.

  • الدلال الزائد:

وكذلك يسرق الطفل المدلل الذي اعتاد الحصول على كل ما يرغب به بسبب وقع الرفض عليه لإحدى طلباته إذ قد يعتبرها حق له. 

الممارسات غير السليمة مع الحالة:

  1. ممارسات المسؤول على الطفل:
  2. عدم البحث عن أسباب السلوك للطفل.
  3. عدم تفهم دوافع الطفل ومشاعره.
  4. الغضب والعصبية والتسرع في معالجة الموضوع.
  5. الاتجاه للعقاب القاسي كالضرب والترهيب.
  6. حرمان الطفل من الضروريات كنوع من العقاب.
  7. تجاهل الطفل وحاجاته.
  8. التفريق في معاملة الأطفال.
  9. ممارسات الطفل:
  10. عدم الاستئذان عند استخدام ممتلكات الآخرين.
  11. الاستمرار في استخدام وأخذ ممتلكات الآخرين حتى مع رفضهم.
  12. السرقة للحصول على موالاة بعض أصدقاء السوء.
  13. تعليم الأطفال الآخرين السرقة.
  14. العناد.

الممارسات السليمة مع الحالة:

  1. ممارسات المسؤول على الطفل:
  2. تحديد السبب الدافع للسرقة عند الطفل.
  3. رؤية خلفية الطفل البيئية ومراعاتها.
  4. التأني في اتخاذ الاجراءات.
  5. تحديد العقاب المناسب بناء على حالة الطفل.
  6. إعطاء الطفل المزيد من الاهتمام.
  7. عدم التفريق في معاملته بالنسبة لزملائه بناء على غلطه.
  8. استشارة مختص.
  9. ممارسات الطفل:
  10. الاستئذان عند استخدام ممتلكات الغير.
  11. احترام رفض الغير لطلب الاستئذان.
  12. إخبار المسؤول عنه إذا طُلب منه السرقة.
  13. إخبار المسؤول عنه إذا تعرض لنقص في احتياجاته.
  14. الصدق حتى عند خوفه من العقاب.

حالة سرقة منذ الصغر:

بدأ علي عفيفي البالغ من العمر 27 عاماً بالسرقة منذ الصغر ، كانت بدايته في سرقة السندويتشات والأقلام والكراسات في سن الخامسة من ‏زملائه، بعد ذلك بدأ في سرقة الطعام من ‏المحلات، وبعدها تطور إلى سرقة الأموال. كان سبب سرقته هو سد حاجته من مأكل ومشرب. فعمل علي عفيفي بمهن كثيرة عندما أصبح مراهقاً، مثل عمله كحلواني وميكانيكي ونجار ولكنه كان يرى السرقة سهلة، يقول: بدأت وأنا صغير ولم أستطع الإقلاع عنها، ولم يتم القبض عليا حتى الآن، ولم أشغل أحد معي أبدًا ، دائمًا أعمل بمفردي ، فقد كانت بالنسبة لي مزاج . احترف علي عفيفي السرقة فترك بلدته ليسافر للمحافظات المجاورة ليمارس هوايته في السرقة، فبدأ يسرق الهواتف المحمولة والأموال والذهب، لأجل أن يأكل ويشرب وينفق، وكان يود أن ‏يصبح غنيًا من السرقة.‏ كان دائما ما يعاقبه والده عن طريق ربطه بجنزير حديدي داخل شقتهم، وعانى ابويه وأهله كثيراً من سوء السمعة الذي لحق بهم جراء سرقاته.

ولكن الله سبحانه وتعالى تاب عليه فاهتدى، فأصبح لا يرى فائدة من الحرام ومن ‏المال الذي يأتي عن طريق السرقة فهو يذهب هباء منثورًا، وعلى الرغم من أنه قضى خمسة عشر عامًا في السرقة، إلا أنه لم تكن له أي سوابق أو ‏سجل سرقات.

بتر يدينه الاثنتين بنفسه ليردع نفسه من السرقة وقال: ” أنا عاقل أنا قاضيت نفسي ‏وحكمت على نفسي، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، أنا حاسبت نفسي قبل ما ربنا يحاسبني، أنا طبقت الشريعة على نفسي، أنا عندي دماغ تميز الحلال من الحرام، كلنا نخطئ ولكن ‏خير الخاطئين التوابين، ويقول أيضا: يدي التي ستجعلني أمسك السكينة وأهدد الناس وتكبرني وتجعلني ‏رئيس عصابة أقطعها” . 

كما نرى في القصة:

  • كان السبب الرئيسي لسرقة علي عفيفي هو تأمين المأكل والمشرب والنواقص لديه، كما أن عقاب أبيه كان شديداً فلم يساعد في معالجة المشكلة بالعكس حصل تفاقم واستمرار بالوضع. ونرى أن أغلب من كان يعرف علي عفيفي كان يعلم بسرقته لذلك كان يشعر بالخزي الشديد ولم يأتمنه أحد وعانى والديه وإخوته من سرقاته.
  • كان الوازع الديني وتنميته أكبر دافع لتوقف علي عفيفي عن السرقة فتاب الله عليه وهداه سبيل الرشد.

الممارسات التي من الممكن عملها لمواجهة حالة السرقة عند الأطفال عند العمل كمعلمة رياض أطفال:

  • تقديم نموذج خُلقي طيب يُحتذى به.
  • بناء علاقة جيدة مع الطلاب تمكنهم من إخباري بالمشاكل التي تواجههم.
  • الإلمام بالخلفيات الاجتماعية لجميع طلابي، وعدم تكليف الأطفال بإحضار أدوات غير مهمة للدراسة قد يكون البعض غير قادر عليها.
  • التركيز على حاجات جميع الطلاب والتواجد الدائم لمساعدة أي طالب.
  • تعزيز مواهب الطلاب جميعها وعدم التركيز على التحصيل الدراسي فقط.
  • إشباع الحاجات النفسية للطفل والتي قد يفتقدها في منزله.
  • العمل على تثبيت الوازع الديني للطفل وتكوين القيم الدينية الصحيحة.
  • تعزيز معنى الملكية لدى الأطفال خلال يومهم الدراسي.
  • تخصيص حصص تمهيدية في بداية المقرر للتعليم عن السلوكيات الخاطئة ومفهوم كل سلوك بشكل عام وعن مفهوم السرقة بشكل خاص.
  • نشر المطويات وتقديم الألعاب والأناشيد والقصص التوعوية عن موضوع السرقة.
  • التوجيه والإرشاد للطلاب ومراعاة عدم إشعارهم بأي إهانة لغلطهم.
  • عدم التشهير بالطفل وحل الموضوع بتأني وفي سرية تامة.
  • إخبار الإدارة المدرسية بالطلاب ذوي الدخل المحدود لتوفير لهم الحاجيات المدرسية بسرية تامة.
  • التواصل والتعاون مع الوالدين أو أحدهما إذا كانا حاضرين لمساعدة الطفل بشكل صحيح.
  • تشجيع الطفل على تحمل مسؤولية فعلته ورد ما أخذه والاعتذار لزميله.

أنظر إلى الصحة النفسية وأهميتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى