الحكومة الإلكترونية

لا يُعد مفهوم الحكومة الإلكترونية حركة عصرية دارجة بعد انتشار الانترنت. حيث بدأت حالياً الحكومات في الدول المتقدمة والنامية في الاتجاه إليها بسبب النهضة التكنلوجية ذات الإيقاع السريع. فأصبحت الكثير من الدول تؤدي أغلب المعاملات الحكومية. باستخدام شبكة الانترنت لمواكبة التطورات والتغيرات العلمية والتكنلوجية التي تقوم على أساس المعرفة. فتضمين التكنلوجيا جعل من تجميع واستخلاص ومعالجة وتشغيل البيانات. مما وفّر على المواطنين تعب الانتقال بين الدوائر الحكومية والانتظار الطويل. وسهل الكثير من المعاملات التي كانت تتطلب الكثير من الوقت والجهد لإتمامها.

ساعد الاتجاه إلى التكنلوجيا من قِبل الحكومات والمؤسسات على زيادة كفاءة العمل. وتحسين الخدمة وزيادة كفاءة وفعالية إدارة الدولة. التي أصبحت أكثر قدرة على السماح للمواطنين والمشاركين في اتخاذ القرار. والذي زاد من أهميتها التي تحول حركة المعاملات الحكومية من الحركة التقليدية اليدوية إلى الحركة الإلكترونية المتطورة. بالاعتماد على الاستخدام الأمثل لعناصر التكنلوجيا الحديثة.

ولا تُعتبر الحكومة الإلكترونية صعب التطبيق على الرغم من وجود بعض المعوقات والصعوبات الخاصة بكل دولة في تطبيقه. إلا أن العديد من الدول أظهرت تبنيها لمفهومها. بعد أن أثبتت أغلبية الدول المُطبقة لها مدى فعاليته في إتمام المعاملات وتسهيلها على الدولة والمواطنين. حتى وأنها ربطت بين الدول وسهلت أداء المعاملات بينهم. فأصبح المستثمرون في وقتنا الحاضر لا يحتاجون إلى الانتقال من بلد إلى آخر لإنهاء المعاملات. وهذا ما جعل الاقبال عليها لازماً على أغلب الدول للمساهمة في رفع الاقتصاد والوعي بالقوانين.

تعريف الحكومة الإلكترونية:

اختلفت الطرق التي تم فيها التعريف. بحسب التعاريف الكثيرة التي تم استنتاجها من مختلف المنظمات العالمية والبحوث المختلفة والتي نستطيع أخذ نبذة عنها وتلخيصها في التالي:

قامت الأمم المتحدة في عام 2002م  بتعريفها على أنها “استخدام الانترنت والشبكة العالمية العريضة لتقديم معلومات وخدمات الحكومة للمواطنين”.

والذي تبعها DAVID & AI   بتعريف الحكومة الإلكترونية على أنها. “استخدام لتكنولوجيا المعلومات بصفة عامة والتجارة الإلكترونية بصفة خاصة. إمداد المواطنين والمنظمات بالمداخل الملائمة للمعلومات والخدمات الحكومية. وتقديم الخدمات العامة للمواطنين ومنظمات الأعمال والموردين وكل من يعمل في القطاع الحكومي. كما أنها طريقة أكثر كفاءة وفاعلية لإدارة المعاملات التجارية مع المواطنين ومنظمات الأعمال وحتى مع المنظمات الحكومية ذاتها”.

تبعتها في عام 2003م منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي (OECD). بتعريف الحكومة الإلكترونية على أنها “استخدام تكنلوجيا المعلومات والاتصالات وخصوصاً الانترنت للوصول إلى حكومات أفضل”.

بعد ذلك في عام 2005م قّدم البنك الدولي تعريفاً للحكومة الإلكترونية على أنها. “عملية استخدام المؤسسات لتكنلوجيا المعلومات مثل شبكات الانترنت وشبكة المعلومات العريضة وغيرها. والتي لها قدرة على تغيير وتحويل العالقات مع المواطنين ومختلف المؤسسات الحكومية. وهذه التكنلوجيا تقدم خدمات أفضل للمواطنين وتمكينهم من الوصول للمعلومات. مما يوفر مزيداً من الشفافية وإدارة أكثر كفاءة للمؤسسات”.

نشأة الحكومة الإلكترونية:

نشأت الحكومة الإلكترونية في أواسط الثمانينات. بفضل مشروع مايكل دِل الذي يتكوّن في تطبيق تجربة في الدول الإسكندنافية التي أرادت ربط القرى البعيدة. تبعها مشروع مانشستر في عام 1989م والذي تم تطبيقه فعليا في عام 1991م عن طريق مضيف مانشستر. وفي عام 1992م قامت المملكة المتحدة بمساعدة مجلس لندن بمتابعة هذه المشاريع وتبنيها. والذي تبعها محاولات في فلوريدا بالولايات المتحدة عام 1995م  كانطلاقة لعدة محاولات في مختلف الدول العالمية.

أهمية الحكومة الإلكترونية:

ظهرت الحكومة الإلكترونية بعد الكثير من الفساد الإداري والمالي الذي أعاق الشفافية والعدل. فأتت أهمية الحكومة الإلكترونية من ركيزة المعرفة بالمسائلة والشفافية والحكم العادل. الذي لا يكتمل بدونه المجتمع المتقدم والذي أتت من أجله الحكومة الإلكترونية، فكانت بمثابة طريقة استخدمت لعلاج الفساد المُنتشر ومنعه من الحدوث في المستقبل كما وأكدت على أهمية الشفافية التي اتاحت المعلومات للكثير من المواطنين والجهات الحكومية  وليس فقط تسهيل الأعمال الحكومية عليهم، ولكن لا ننسى أهميتها في تسهيل المعاملات الحكومية وتوفيرها في كل وقت وربط الدوائر الحكومية سوياً بشكل يُسهل على القيام بالأعمال المختلفة في نفس الوقت بدون الحاجة للرجوع إلى الطرق التقليدية.

أهداف الحكومة الإلكترونية:

  1. حصول المواطنين على الخدمات بشكل سريع وقليل التكلفة، مع ضمان تقديم المفهوم الديموقراطي بمشاركتهم في القضايا المتنوعة، والعمل على ارتفاع كفاءة الأعمال الإدارية وتقليل الجهد والوقت الازمين لإنجاز المعاملات.
  2. تقليل التعقيدات الإدارية والأعمال اليدوية والمكتبية، والتي بدورها تخفض من التكلفة والموارد المُستخدمة الازمة لأداء المعاملات الحكومية بشكل كبير.
  3. توفير بيئة عمل أكثر تطوراً باستخدام تقنية المعلومات في المؤسسات الحكومية عن طريق تأسيسها كبنية تحتية تُمكن من الاتجاه إلى العمل السهل وتحقيق بيئة مرنة توفر واجهه للتواصل بين الحكومة وجهات العمل الأخرى.

كما وحددت جامعة الدول العربية ستة اهداف للحكومة الإلكترونية تتلخص فيما يلي:

  1. تحقيق كفاءة وعائد أكبر على الاستثمار.
  2. ضمان النفاذ المريح لخدمات الحكومة ومعلوماتها.
  3. توصيل الخدمات التي تستجيب لاحتياجات العميل.
  4. التكامل بين الخدمات ذات الصلة.
  5. بناء ثقة المستخدم.
  6. زيادة اشتراك المواطنين في الخدمات.

عناصر الحكومة الإلكترونية:

أولاً: الحاسب الآلي

يُعد الحاسب الآلي من أهم عناصر التكنلوجيا التي تقوم عليه الحكومة الإلكترونية مما يقوم به من حفظ ومعالجة وتشغيل المعلومات، لذلك من الازم اختيار الحاسب الآلي الذي يُدير عمليات المؤسسة بشكل صحيح وجيد من خلال تحديد المهام الازمة التي يجب أن يقوم بها واختيار حاسب آلي ذات مميزات مُعينة بناءً عليها.

ثانياً: الشبكات

يتم ربط أجهزة الحاسب الآلي عن طريق شبكات والتي تُساهم في ربط اكثر من جهاز ببعض بشكل سلس، وتحتاج الحكومة الإلكترونية إلى شبكة الانترنت التي تُعد عامل أساسي في ربط جميع وحدات الحاسوب عالمياً.

ثالثاً: العنصر البشري

والذي يُعد من أهم عناصر الحكومة الإلكترونية وهو المشغل الرئيسي للحاسب الآلي والشبكات، والذي يجب تدريبة وتأهيله للعمل في النظام القانوني. وينقسم العنصر البشري إلى ثلاث أقسام وهي:

مدير نظم المعلومات: والذي يقوم بإدارة أعمال نقل وحفظ وتجميع ومعالجة وتقديم المعلومات للإدارة، والتي تتطلب قدرات إدارة عالية ومعرفة تامة بالتكنلوجيا.

المبرمج: وهو الذي يقوم بصنع البرنامج التي تتم عليه جميع العمليات الحكومية.

محلل النظم: وهو الذي يقوم بتحليل جميع البيانات التي تم جمعها مع التنسيق بين الأجهزة.

رابعاً: الحماية القانونية

يجب في أثناء تطبيق نظام الحكومية الإلكترونية توفير الحماية الازمة للبيانات والمعلومات والمعاملات القائمة عليه، وتنحصر الحماية في وجهين:

الحماية الجنائية: والتي تحمي البيانات من التطفل عليها ونشرها أو سرقتها والتهديد بها على موجب قانون خصوصية الاتصالات الصادر من قِبل الكونجرس الأمريكي في عام 1986م.

الحماية المدنية: والتي تنص على معاقبة المتعدي بموجب القانون عند ثبوت تعديه على المعلومات الحساسية الشخصية للمواطنين مع لزوم التعويض.

أقسام الحكومة الإلكترونية:

أولاً: الخدمات الإلكترونية

وهي جميع الخدمات التي يحتاجها المواطنين وتقدمها الحكومة لهم ضمن قوانين البلد، والتي من الممكن تقديمها خلال 24 ساعة يومياً من خلال برمجة بوابة إلكترونية للوصول إلى الخدمات التي تم تقديمها تعمل على شبكة الانترنت، مثل التعليم الإلكتروني وتقديم الاستشارات والخدمات الصحية أو إصدار شهادات الميلاد أو الرخص كرخصة السيارة وقد تصل إلى شيء بسيط كالاستعلام عن حالة الطقس.

ثانياً: الديموقراطية الإلكترونية

هذا الجانب من الحكومة الإلكترونية يسمح للمواطن بالمشاركة في صنع القرار ويساهم في رفع صورة البلد الديموقراطية من خلال مشاركة الفرد بالآراء الحكومية والإدلاء بالأصوات الانتخابية والقيام بالحملات السياسية الالكترونية، وتُعد وسيلة لاستطلاع الشعب عن القضايا السياسية والمجتمعية.

وأصدرت الولايات المُتحدة الأمريكية مفهوم المشاركة الإلكترونية والتي عرّفتها على أنها “خدمات إلكترونية تقدمها الحكومة الإلكترونية بغرض فتح قنوات للمشاركة الإلكترونية في الشؤون العامة”، وقامت بوضع مقياساً له من خلال ثلاثة معايير وهي:

المعلومات الإلكترونية : مدى توفير المعلومات الإلكترونية وسهولة تداولها.

الاستشارة الإلكترونية: هي تلك الأساليب والطرق الإلكترونية التي توفرها الحكومة الإلكترونية لتمكين المواطن من التفاعل في اتخاذ القرارات السياسية.

اتخاذ القرارات الإلكترونية: يسمح هذا المؤشر بقياس التأثير المباشر للمواطنين على القرارات السياسية.

ثالثاً: الإدارة الإلكترونية

هي طريقة لتغيير نمط المعاملات الحكومية والإدارية التقليدية الورقية إلى معاملات ذات نمط إلكتروني وهي جزء لا يتجزأ من الحكومة الإلكترونية ويمكن التفكير بالإدارة الإلكترونية على انها الحكومة الإلكترونية في صورتها البدائية حيث تقوم بتطوير قاعدة البيانات والمعلومات للمؤسسة مثل المعلومات الجغرافية والأرشيفية والمالية.

رابعاً: التجارة الإلكترونية

تعرفها الهيئة الأوروبية للمعلومات والتكنولوجيا والرقابة EITO على أنها “النشاط الذي يؤدي إلى تبادل القيم عن طريق شبكات الاتصال”. بدأت في السبعينات بالولايات الأمريكية بشكل تطبيق للتحويل الأموال إلكترونياً، وكانت الثمانينات انطلاقة لها في العمل الحكومي كإرسال الوثائق والفواتير، ومع توسع شبكة الانترنت أصبحت التجارة الإلكترونية متاحة للجميع وحتى المواطنين للبدء بأعمالهم التجارية والتي تنتج تحت رقابة الحكومة في عمليات تحويل الأموال والاستلام والشكاوى وغيرها.

معوقات الحكومة الإلكترونية:

معوقات قانونية:

والتي تتضمن تعريف الفريق القانوني في الدولة من محامين وقضاة بالتشريعات النصوص القانونية الحديثة والتي قد يكونون غافلين عنها.

معوقات أمنية:

وهو من أهم المعوقات التي يُمكن مواجهتها أثناء تقديم الخدمات في الحكومة الإلكترونية والتي تتمركز في الاختراق والسرقة المعلوماتية وعمليات الاحتيال وفقدان الخصوصية وتسريب المعلومات.

معوقات معلوماتية:

عدم القدرة للوصول إلى طريقة إلكترونية في تحويل نمط المعلومات التقليدي لنمط إلكتروني بشكل صحيح والذي قد يكون من أكبر العوائق أمام الحكومة الإلكترونية لما قد يواجه فيه من مصاعب فقدان بعض المعلومات والذي بدوره يؤدي للعديد من المشكلات في العديد من الجهات الحكومية.

معوقات مالية:

قلة المقدرة المالية الازمة للتحويل الإلكتروني للدول والتي تواجهها الكثير من الدول النامية.

معوقات معرفية:

قلة معرفة فئات مختلفة من المواطنين بالخدمات المقدمة إلكترونيا، مثل بعض فئات الاحتياجات الخاصة التي تواجه صعوبة في التعامل مع التطبيقات الإلكترونية العادية، فئة كبار السن الذين لا يملكون المعرفة الكافية باستخدام الحاسب الآلي والجوالات الذكية، ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون القُدرة على شراء الأجهزة الذكية.

معوقات شخصية:

والتي تتمثل في قلة ثقة المواطنين بالحكومة الإلكترونية ورفضهم لاستخدامها لما قد يروا فيها من خوف على معلوماتهم الشخصية من الاختراق والسرقة.

معوقات استخدامية:

جهل المؤسسات بأهمية الحكومة الإلكترونية وتسهيلها للحياة والمعاملات قد يكون سبباً في تراجع استخدامها بالكثير من المؤسسات في يومنا الحاضر، كما ويُعد جعل معرفة الموظفين في التعامل مع الحاسب الآلي سبباً في قلة الاستخدام.

أنظر إلى الاتصال التجاري.

Exit mobile version