إن الاهتمام بالتغيرات التي طرأت على المجتمع موضوع قديم قدم التفكير الاجتماعي. فقد تناول فالسفة الغرب والشرق في الجزء الاجتماعي من تفكيرهم التطورات والتحولات الاجتماعية.
التغير الاجتماعي
شمل الربع الأخير من القرن 18 الظهور الأولي لمفهوم التغير الاجتماعي. والذي ذكره “آدم سميث” في كتاب ثروة الأمم ولكنه لم يكن يقصد به معنى التغير الاجتماعي المتداول حاليا. إذا يرجع الفضل في انتشار هذا المصطلح للعالم الأمريكي “أوجبرن” الذي أصدر كتاب بنفس العنوان “التغير الاجتماعي” سنة 1922. والذي استطاع من خلاله تلخيص مضمون عملية التغير الاجتماعي محاولا إزالة اللبس الذي دار حول هذا المصطلح، إذ يؤكد “أوجبرن” أن عملية التغير الاجتماعي عملية يمكن أن تتجه إلى التقدم أو التأخر، كما تشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
وهناك الكثير من رواد علم الاجتماع الذين اعتقدوا بفكرة أن المجتمعات تشبه الكائنات الحية في تتابع مراحل الحياة من الولادة فالنمو ثم الرشد، وأخيرا الشيخوخة والموت، فكأنما المجتمع ينحدر من الأفضل إلى الأسوأ. وهناك من اعتقد بربط التغير الاجتماعي بالتطور الفكري للإنسان وغيرها من الأفكار التي اعتبرت الجذور الأولى لفكر التغير.
وعند دراسة التغير الاجتماعي بشكل أكبر من قِبل العلماء ظهرت عدة اتجاهات اعتبرت اتجاهات أولية للتغير الاجتماعي وكان من أكبر علمائها أفلاطون وابن خلدون وأوجست كونت ودوركايم وسبنسر وتونبي وكارل ماركس وماكس فيبر، مختلفين فيما بينهم في تصورهم لموضوع التغير من حيث أسبابه ونتائجه إلا أنهم اشتركوا في بناء أهم بنية لفهم حركة المجتمع فهناك من قال إن حركة المجتمع تأخذ شكل نمو أو تطور أو تقدم أو أنها تأخذ شكل دائرياً وخطياً في تغيره.
نظريات التغير
تجسدت أفكار علماء الاجتماع في شكل نظريات عرفت بنظريات التغير فمنها:
النظرية الدائرية وروادها أفالطون، ابن خلدون.
وهي نظرية تتحدث عن طاقة الكون المتكررة بشكل دوري وتنتهي بالنقطة التي بدأت منها، فهنا تم مناقشة أن التغير التاريخي والاجتماعي لا يتحرك بمفرده أو بخط مستقيم بل على شكل دائرة مغلقة، فتتكرر الحياة الاجتماعية يوميا، بناء على التالي:
- تعاقب الليل والنهار، وفصول السنة.
- الدوائر البيولوجية كالولادة، والطفولة، والشباب، والشيخوخة، والوفاة.
- الدوائر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والتي تتغير بتغير الحكومات فتولد وتعيش ثم تزول، أو فترات الرخاء التي تأتي بعد الأزمات الاجتماعية والحروب.
النظرية التطورية وروادها دوركايم، سبنسر.
ترجع النظرية إلى علم البيولوجيا ونظرية “داروين” للتطور حيث أظهرت تصورات عامة للمجتمع والثقافة واقترحت نموذج لسلسلة من المراحل التطورية للشعوب، فرأى أن المجتمعات تطورت على مراحل متتالية من البساطة إلى التعقيد في اتجاهاً خطياً مدعماً النظرية الخطية لماكس فيبر، اعتماداً بسيطرة تطور الحضارة بين الدول القديمة إلى الدول المتقدمة حيث مر الإنسان المراحل الحضارية التالية:
- الرحلة الوحشية.
- الرحلة البربرية.
- الحضارة، والتي كان من أول أسسها ظهور الزواج ووحدانية التزاوج، بحيث انتقل نمط الحياة الاجتماعية من مرحلة البربرية في التزاوج وتعدد الزوجات إلى مرحلة التحضر الاجتماعي من خلال تطور نظام الأسرة.
اتجاهات تغير المجتمع
تم تصنيف التغير الاجتماعي بناء على عدة اتجاهات، وهي:
أولاً: الانتشار
ويعتمد على الانتشار الجغرافي بناء على توزع الثقافات وسماتها من مكان إلى آخر، بالإضافة للتغيرات الناتجة في الدول الصناعية الرأسمالية المتقدمة وما تمثله بالنسبة للدول النامية عن طريق نقل الثقافية سواء مادية أو معرفية أو روحية للدول النامية ونشرها فيها.
ثانياً: الثقافة
واعتقد الكثير من العلماء أن الثقافة هي المحرك الأول للتغير الاجتماعي باعتبار المجتمع نتاج مخرجات ثقافية مختلفة كالعادات التقاليد، والعرف، والدين، ومستوى التعليم.
وتتغير الثقافة من وقت لآخر مع تقدم العمر، ويختلف معها الأدوات المساهمة في عملها.
ثالثاً: المجتمع
وهو التغير الاجتماعي الحاصل نتيجة التعديل الواقع على العائلة والجماعات الإنسانية. حيث تؤدي التغيرات عليهم إلى تغيرات في السلوك المتوقع للجماعة كأن يتم فرض قواعد ومقاييس جديدة،
وهناك ثلاثة أنواع للتغيرات في الحياة الاجتماعية للجماعات تؤدي إلى تغير اجتماعي هي:
- تغير الكثافة السكانية.
- تغير ترتيب الهرم السكاني في المنطقة.
- التطور الفكري المساهم في ظهور نماذج جديدة من الجماعات واختفاء نماذج قديمة.
و تتسبب هذه التغيرات في تغير السلوك الجماعي المعتاد في المنطقة.