إدمان المخدرات هو مرض من الأمراض المزمنة التي تجعل الشخص في بحث دائم عن المخدرات لتعاطيها بشكل قهري مع عدم القدرة على السيطرة على رغبته في استمراره بتعاطيها. أغلبية الناس يتخذون قرار تعاطيهم للمخدرات في بادئ الأمر بشكل طوعي. وغالباً ما يكون بسبب الرغبة في التجربة والاستكشاف بدون نية في إدمانها. لكن قد يقع الشخص في إدمان المخدرات نتيجة إمتلاكه لنزعة إدمانية وراثية او اجتماعية. كما يمكن ان تتسبب التجربة المستمرة في الإدمان بغير قصد.
تغير المخدرات التي تؤخذ الدماغ وتركيبته مما يجعل المدمن في حاجة دائما للتزود بالمخدر مما يصعب عليه ضبط النفس ويتعارض مع قدرته على مقاومة الرغبة الكبيرة بتعاطي المخدر.
قد ينجح بعض الأشخاص في التعافي من الإدمان ولكن يتعرضون للانتكاس مره أخرى. نتيجة التغيرات الشديدة التي سبق وحصلت على دماغهم أثناء إدمانهم.
كيف يتأثر الدماغ بتعاطي المخدرات؟
تتسبب المواد المخدرة في تحفيز عنصر المكافأة في الدماغ، وهو العنصر المسؤول عن الشعور بفرز الدوبامين الذي يعزز الشعور بالنشوة والسعادة. يستخدم الشخص الطبيعي عنصر المكافأة في تحفيزه على النمو والقيام بالأعمال اللازمة أو الأعمال التي يحبها كالأكل وقضاء الوقت مع أحبائهم.
ارتفاع هرمون الدوبامين في عنصر المكافأة في الدماغ هو المعزز الأول للسلوكيات الممتعة والتي تجلب شعور السعادة.
تجلب المخدرات شعور الدوبامين لفترة من الوقت وذلك ما يجعل الشخص مدمنا عليها نتيجة قلة استجابة الدماغ إليها مع الوقت مما يجعل المدمن يرغب في الحصول على جرعات أكبر من المخدر وهو تأثير يُعرف باسم التحمل.
التحمل هو قدرة الدماغ على تحمل الكمية السابقة من المخدر وعدم التفاعل معها، مما يتسبب في أخذ المدمن لجرعة أكبر تجبر الدماغ على التفاعل.
يتسبب استخدام المخدرات بشكل متواصل على مدى فترة زمنية طويلة باختلال الأنظمة والدوائر الكيميائية في الدماغ أيضًا، مؤثراً بدوره على الوظائف الطبيعية للإنسان. مثل:
- القدرة على التعلُّم والتذكر.
- القدرة على الحكم على المواقف وصنع القرار.
- القدرة على ضبط النفس والسلوك.
كل مدمن يملك المعرفة بنتائج إدمانه على نفسه وعلى الآخرين، ولكن لا يملك القدرة على التوقف عن إدمانه.
ما الذي يجعل البعض قابلين للوقوع بالإدمان دون غيرهم؟
هناك عدد من العوامل التي تدفع الفرد لأن يكون اكثر قابلية على السلوك الإدماني مقارنة بغيره من الناس. فكلما امتلك الفرد عدداً أكبر من العوامل مع عدم معرفته بها وسيطرته عليها كلما زاد خطر الإدمان لديه. وهناك بعضاً من العوامل:
- الوراثة، عادة ما تتسبب الوراثة بالكثير من الصفات السلوكية والأمراض التي قد تصيب الشخص. بما إن الإدمان هو صفة سلوكية فهي عادة ما تورث على مدى الأجيال. على سبيل المثال الوالدين الذين يمتلكان نزعات إدمانية يصيبون أطفالهم بها. ويجب معرفة أن النزعة الإدمانية هي واحدة ولكن المادة أو السلوك الإدماني يختلف، فقد يكون الوالد مدمناً على العمل والوالدة مدمنة على التنظيف أو ما يسمى بالوسواس القهري، لكن عندما يورث الطفل النزعة الإدمانية فقد يدمن على المخدرات.
- العوامل البيئية، وتشمل الأخطار التي وقعت على الفرد والوضع الاقتصادي ونوعية الحياة. فتؤثر عوامل كثيرة كتعرض شخص عزيز لحادث ما، أو التعرض للاعتداء الجسدي والجنسي في زيادة السلوك الإدماني.
- الإدمان عن طريق الخطأ، وغالباً ما يحصل بسبب تعرض الشخص للمواد المخدرة عن طريق الخطأ لفترة طويلة كاستخدامهم لأدوية تحتوي على مواد مخدرة أو مسكنه أو منومة ووقعوهم بالادمان لها.
هل إدمان المخدرات قابل للشفاء؟
إدمان المخدرات هو مرض كبقية الأمراض المزمنة التي قد لا يوجد لها علاج بشكل قطعي ولكن يحتاج للإدارة والانتباه والإرادة القوية بشكل مستمر حتى لا يعود الشخص للانتكاس.
مثل مرض السكري قد لا يستطيع الشخص تبني عادات صحية للمحافظة على معدل سكر الدم بشكل متوازن مدى حياته، بينما قد ينجح بها أشخاص آخرون ويعيشون حياة ذات جودة أفضل.
يمكن علاج الإدمان والوقاية منه من خلال التوجه للعلاج السلوكي المعرفي بشكل أولي وخاصة للأشخاص الذين عانوا من وجود مدمن في عائلتهم. أما في حالة الإصابة بالإدمان فالجمع بين أدوية علاج الإدمان والعلاج السلوكي يضمن فرص شفاء كبيرة للمرضى.