سنناقش الإرهاب وتاريخه ومفهومه من الناحيتين الاجتماعية والإسلامية.
المقدمة
الأمن هي حاجة من أوائل الحاجات الإنسانية التي لا يُمكن للإنسان العيش بدونها حياة جيدة. فالأمن واحد من أهم مقومات السعادة والاستقرار الذي يقضي الانسان وقتاً طويلاً في حياته في البحث عنهما. فهو مطلب مهم للحياة الكريمة اتفقت عليه جميع شعوب الأرض بمختلف الأزمنة. إذا فُقد الأمن عانت المجتمعات من الخوف وأصبحت الحياة غير قابلة للعيش.
وتُعد ظاهرة العدوان البشري هي واحدة من أقدم الظواهر الواقعة في المجتمع منذ بدء الخلق. بالأخذ بقصة جريمة أبناء آدم عليه السلام الذي قتل فيها قابيل أخاه هابيل. فكانت المعرفة الأولى بوجود الخير والشر في المجتمعات البشرية.
ومنذ ذلك الوقت أصبح العدوان مرتبطاً بالإنسان بشكل كبير. حتى أنه أصبح تحت مسمى نشاط انساني عدواني معروف عالمياً وهو “الإرهاب”. فبالرغم من اختلاف شعوب العالم وحضاراتهم وثقافاتهم وتوجهاتهم المجتمعية والدينية إلا أن وباء الإرهاب أصابهم جميعاً بطرق مختلفة ومتفاوتة بالحدة. ما بين الشغب البسيط والعدوان الذي يصل إلى الإرهاب.
فالإرهاب ظاهرة متجردة من العقيدة والانتماء والهوية يعانون أفرادها من العقل والقلب السليمين. وهي ظاهرة متجددة بحسب اختلاف العصور والطرق التي من الممكن تطبيقها فيه. ولذلك يُعد من الصعب جداً القضاء على الإرهاب لذلك يتم دراسة أسبابه وتحليل الصراعات المؤدية إليه. للوصول إلى الطرق التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة.
تاريخ الإرهاب:
قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)). (سورة المائدة)
فكانت هذه الحادثة هي أول حادثة عدوان تحدث في التاريخ البشري. والتي حصلت بسبب أن الله سبحانه وتعالى شـر ع لآدم أن یزوج بناته مـن أبنائه لعمار الأرض. فولدت لـه زوجتـه توأمان في بطنين كل توأم من ذكر وأنثى. فیُزوج أنثـى هـذا الـبطن لـذكر الـبطن الآخـر ولا يحل أن يزوج الأخـت لتوأمهـا الذكر. وكانــت أخــت هابیــل فتاة قبيحة بينما أخــت قابیــل فتاة جميلة.
فعندما أمرهم آدم بذلك رفض قابیـل نكاح توأم هابيل وأراد أن ينكح توأمه. وقـال هي أختي ولدت مع وأنـا أحـق أن أتـزوج بهـا. فأمرهم آدم أن يقرّبا قربانـا فمن يُقبل قربانه فهي له وقدم قابيل قربـان حزمـة مـن سـنبل غير طيبة لأنـه كـان صــاحب حـرث. بينما قدم هابيل قربــان غنمه من أفضل أغنامهً لأنـه صـاحب غـنم. فتقبــل الله قربــان هابیــل ولــم يتقبل قربــان قابیـل. فغضــب وقــال لأخيه هابیـل لأقتلنك حتى لا تنكحها. فقـال لـه هابیـل الرجـل الصـالح الـذي تقبـل الله قربانـه لتقـواه مـا ذنبي إنمـا يتقبل الله المتقين، وقتل قابيل أخاه هابيل.
ومن هنا عرفت البشرية الحقد والغل المؤديين للقتل وسفك الدماء واستخدمتها في جميع العصور البشرية.
أما مصطلح الإرهاب فنشأ في عام 1793م من الثورة الفرنسية. والذي بدأ بإعلان روبسبير Robespierre عن بداية عهد الإرهاب تحت مسمى Reign of Terror. والذي قام فيه روبسبير وأعوانه بشن حملة إعدام رهيبة في جميع أرجاء فرنسا. قُدّر في الستة أسابيع الأخيرة منها عدد الوفيات ب 1366 شخص فقط في مدينة باريس. كما تم قطع رأس 40 ألف شخص بواسطة المقصلة واعتقال 300 ألف شخص. وكانت كل هذه الأنشطة الإرهابية تُمارس تحت مسمى الحرية بسبب انقلابهم على الحكم.
ومن ذلك الوقت أصبح الإرهاب مسمى وعلامة يدلان على العنفوان والظلم الذي يمارسه إنسان على آخر بأي هدف يرغب به. ومع تقدم العصور أصبحت خطورة الإرهاب أكثر حدة وأصبح يمكن تطبيق الأنشطة الإرهابية في بيئات أكثر توسع.
وهنا سنتطرق للإرهاب على مر العصور:
الإرهاب في العصور القديمة:
وجدت هناك الكثير من النصوص التي مثلت وجوه التخويف والارهاب الممارس من قِبل الجماعات أو الأفراد. ويمكن القول أن أول حركة إرهابية ظهرت في العصور القديمة. هي الحركة اليهودية في القدس أثناء الحكم الروماني في سنة 66 ما قبل الميلاد. والتي أطلق عليها السيكارى وأتى المسمى من استخدامهم للسيوف القصيرة المسماة بـ سيكا. وتشمل مجموعة اليهود القادمين إلى فلسطين بعد أن أخرجهم البابليون عام 58 قبل الميلاد. وكانت هذه الجماعة تمارس إرهابها بشكل علني في أكثر الأماكن ازدحاما كالتجمعات والاحتفالات. لينجحوا في تنفيذ خططهم المؤذية بدون أن يتم القبض عليهم أو تتبعهم. وفي نهاية هذي الحركة تم بنجاح القبض عليهم وتدميرهم.
أما في عهد الجمهورية اليونانية والجمهورية الرومانية. كان يتم بشكل كبير تنفيذ عمليات لاغتيال الملوك مثل اغتيال الملك يوليوس قيصر. وكانت هذه من أهم الأساليب المستخدمة في نشر الرعب والتهديد والعنف.
الإرهاب في العصور الوسطى:
واحدة من أشهر الحركات الإرهابية المنفذة في العصور الوسطى هي حركة ثورة العبيد نتيجة للظلم والاضطهاد والتي تكونت من مجموعات صغيرة تتحرك معاً للقيام بالأعمال الإرهابية من قتل وسرقة وتهديد لاستثارة الرعب في أسيادهم.
كما وانتشرت القرصنة البحرية بشكل كبير جداً في العصور الوسطى والتي كانت من أكبر المهددات للتجارة البحرية، كما واستخدمتها الحكومات والإمبراطوريات كالإنكليزية والفرنسية والإسبانية في علن الحروب البحرية على الدول الأخرى.
الإرهاب في العصر الحديث:
ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الأوروبية في بداية القرن التاسع عشر حركات التحرر والعنصرية التي هدفت إلى إرهاب الزنوج والملونين وكان من أبرزها منظمة كوكلاس كلان المنشأة من قِبل المزارعون في سنة 1856م بهدف قتل الزنوج واشتهروا في أسلوب القتل بالشنق على الأشجار.
وهناك منظمتين تعتبر من أهم المنظمات الإرهابية الظاهرة في العصر الحديث واللتان سميتا بالحركة الفوضوية والحركة العدمية بالاعتماد على أفكار ماكس سنيرنر وأفكار بيا جوزيف بردوون الفرنسي وباكونين الروسي، حيث قامت الحركة الفوضوية على إنكار الألوهية وسلطة الدولة واتسمت الحركة الفوضوية باختلاف الآراء بين الناس حول كونها حركة إرهابية فبعض اعتبرها بأنها حركة متفق على أهدافها من قِبل الدولة.
وأُنشِأت الحركة العدمية كامتداد من الحركة الفوضوية والتي كانت تهدف إلى التحرر الذاتي للفرد بشكل كامل فلا يكون له انتماء بأي شيء من دولة أو جماعة أو تقاليد أو أعراف وأوجدت فكرتها رجوعا لأفكار المفكر الروسي الكسندر سيرنو سوفينج.
تاريخ الإرهاب في الإسلام:
عندما حمل الرسول صل الله عليه وسلم رسالة الإسلام كان للمشركين اليد العليا في الإرهاب القائم على إيذائه وتخويه وتهديده واتهامه بمختلف الاتهامات من سرقة وجنون وكذب، ولم يكتفوا بذلك انما اتجهوا إلى إيذاء جميع المؤمنين بالرسول r ورسالته ووصل الأمر إلى محاصرتهم وتعذيبهم وقتلهم حتى تركوا ديارهم واتجهوا للهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
واستمر المشركين في حربهم عن طريق شن الغزوات على الرسول صل الله عليه وسلم وأصحابه حتى وافته المنية كما حصل في معركة الخندق ومحاصرة المدينة المنورة لمدة شهر كامل لتخويفهم ودب الرعب واهلع في قلوبهم كما قال تعالى:
(إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)). (سورة الأحزاب)
وقام المشركين بالترهيب وإفزاع المسلمين بعدة طرق حتى أنهم توصلوا للاتفاق مع اليهود لمحاربة المسلمين، وحصل عمليات اغتيال للرسول صل الله عليه وسلم عن طريق دس السم له، وبلغ الأمر ذروته عندما توفى الرسول صل الله عليه وسلم وارتد بعض من المسلمين الذي جعلهم يملكون مدخل إلى عقل ضعيفين النفوس.
واذا انتقلنا إلى عصر الخلفاء الراشدين واغتيال سيدنا عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم تزلزل العالم الإسلامي وأصبح للأعداء القدرة على التدخل في المفاهيم التي أدت إلى إظهار الفرق الإسلامية وأولها الخوارج الذين اتجهوا إلى القسوة في التعامل المؤدي للتطرف بغرض الحفاظ على الدين؛ فكانوا يقومون بأذية غير المسلمين ويهددوهم ويحاربوهم.
وتقسمت الخوارج إلى عدة جماعات منها الأزارقة والتي خاضت في الأعمال الإرهابية بشكل كبير جداً حيث كانت تخير الناس على الإسلام أو الموت وتحل قتل النساء والأطفال وغيره. وتعاونت مع الصليبين على المسلمين.
مفهوم الإرهاب:
الإرهاب لغة: مأخوذ من الفعل رَهِبَ يَرْهَبُ رَهْبَتهً ورُهْباً بالضم، ورَهَبَاً بالتحريك، أي خاف. ورجل رَهْبُوتٌ. يقال رَهَبوتٌ خيرٌ من رَحَموتٍ أي لأن تُرهب خير من أن ترحم. وتقول أَرهبه واسترهبه إذا أخافه.
وجاء في تاج العروس للزبيدي: الإرهاب بالكسر: الإزعاج والإخافة. أما في المعجم الوسيط تم ذكر كلمة الإرهابيون كوصف للسالكين للعنف والإرهاب بغرض تحقيق هدف سياسي. والتي تمثل كلمة Terrorism في اللغة الإنجليزية التي تم اشتقاقها كلمة Terror الذي أنشأها روبسبير.
الإرهاب اصطلاحاً:
كان هناك اختلاف كبير في مفهوم الإرهاب اصطلاحاً لاختلاف الثقافات والخلفيات الواقعة بها الإرهاب وأيضاً لاختلاف أشكاله المطبقة عليها، ومن هذه التعريفات:
- تعريف الأمم المتحدة: هو الأفعال التي تعرض الأرواح البشرية البريئة للخطر أو تهدد حريتهم أو تنتهك كرامتهم.
- تعريف الكونغرس الأمريكي: هو ضرر واقع عن قصد بتخطيط وبدوافع سياسية لاستهداف منظمات سرية وطنية أو عملائها ويقصد فيه التأثير على الناس.
- تعريف وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA: هو العنف الحاصل من أفراد أو جماعات.
- تعريف القانون الدولي: هو الأفعال التي منعتها القوانين الوطنية لأغلبية الدول.
- تعريف الاتفاقية العربية: هو كل فعل من الأفعال العنيفة باختلاف غرضها يتم تنفيذها من قِبل أفراد أو جماعات لإيذاء الناس وتخويفهم أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الممتلكات الخاصة أو العامة.
- تعريف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: هو تخويف الآمنين والتخريب والاعتداء على ممتلكاتهم وأموالهم وأعراضهم رغبة في الفساد بالأرض.
- تعريف المجمع الفقهي الإسلامي: هو عدوان يُمارسه أفراد أو جماعات أو دول رغبة في إيذاء الإنسان من النواحي الدينية أو العقلية أو الجسدية أو المالية، عن طريق التخويف أو إصابته بالأذى الطفيف أو التهديد أو القتل كالحرابة وإخافة السبل وقطع الطريق.
مفهوم الإرهاب من منظور الإسلام:
- إرهاب مشروع: والذي أمرنا الله به ويتكون في إعداد القوة لمقاومة المعادين لله ورسوله صل الله عليه وسلم وديننا الحنيف وتخويفهم بغرض حفظ الأراضي الإسلامية.
قال تعالى: (يا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)) (سورة البقرة) نرى أن كلمة ارهبون جاءت بمعنى اخشوا واتقوا.
وفي قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)) (سورة الأنفال)
جاءت بمعنى الوجوب على المسلمين ببذل الجهد في إعداد القوة لتخويف العدو. ومن هنا نرى أن الإرهاب في الإسلام مختلف كلياً عن التعريف العالمي الموجود.
وكما قال الرسول صل الله عليه وسلم: (نصرت بالرعب مسيرة شهر).
وهو المعروف بالحرب النفسية بحيث لا يتم اللجوء للتهديد والتخويف الفعلي، وتُعرف الحرب النفسية بأنها استخدام أي وسيلة للتأثير على جماعة ما من الناحية المعنوية وحثهم على التصرف بسلوكيات معينة.
وقد نوه القرآن الكريم إلى هذا النوع من الإرهاب وأظهرها في قصة سليمان عليه السلام وملكة سبأ بلقيس فقال تعالى:
(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)). (سورة النمل)
ومن الآيات نرى فعالية الحرب النفسية واستخدامها لصالح الشخص، ونلخصها في التالي:
فعندما دخل الرسول صل الله عليه وسلم مكة اضطبع بردائه، واخرج عضده اليمنى ثم قال: (رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة، ثم استلم الركن وأخذ يهرول، ويهرول أصحابه معه وأراه البيت منهم). (صحيح البخاري بفتح الباري، جـ7/ص648)
وهو استخدام العنف من أجل إثارة الخوف في قلوب الأعداء وهو أكثر أنواع الإرهاب انتشاراً في العالم الحالي.
إلا أنه يعتبر فناً من الفنون القتالية ضد الأعداء على الإسلام والمسلمين في الحروب والتي أمر الله به فجاءت الآية مطلقة بقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)). (سورة المائدة)
شروط جوازه:
- إرهاب غير مشروع: وهو إخافة الناس والمعاهدين من غير المسلمين وتهديدهم وإلحاق الأذى بهم أو بممتلكاتهم، أو نشر الفساد في الأرض، وهذا النوع محرم ومنهي عنه في الكتاب والسنة.
قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)) (سورة المائدة)
وقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)) (سورة الأعراف)
أما في السنة فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم ( لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة)( صحيح البخاري، جـ18/صـ9، حديث رقم 7072)
وما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: ( إذا مر أحدكم مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليسمك على نصالها أو قال فليقبض بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيئا) (صحيح البخاري، جـ19/صـ11، حديث رقم 7075)
وما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : ( من حمل علينا السلاح فليس منا) (صحيح البخاري، جـ19/صـ8، حديث رقم 7070)
أنماط الإرهاب:
- الإرهاب الاقتصادي:
يمارس الإرهاب الاقتصادي داخلياً عبر عمل الدولة لصالح الطبقات الراقية ويتم حكم البلد حسب مصالحهم الشخصية فتعطيهم الدولة الصلاحيات والامتيازات الاقتصادية بينما تحرم الفئات الأخرى مما يجعل الطبقات الاجتماعية في الدولة غير متناسق وتظهر ظاهرة الفقر الشديد بشكل كبير على معظم أفراد المجتمع.
أما الإرهاب الاقتصادي خارجياً يتكون في ابتزاز الدول الكبرى للدول الصغرى والسيطرة على خيراتها ومواردها والتحكم في شؤونها الداخلية.
- الإرهاب الديني:
وهي الحروب القائمة ضد الدين سواء الحرب من دين لدين آخر أو في نفس الدين عن طريق تحارب الطائفات مع بعضهم البعض، فكما نرى في الدين المسيحي عندما أصبح للبابا قوة ونفوذ أكثر من الحاكمين قامت الكنسية بشن حروب إرهابية كالحروب بين الكاثوليك والبروتستانت والحملات الصليبية في الحالم الإسلامي.
وكان لديننا الحنيف نصيباً كبيراً من حملات الإرهاب الديني في المذاهب والطائفات الدينية بعضها ببعض كما يحصل من قتل الشيعة للسنيين في مختلف من الدول والمدن الإسلامية.
- الإرهاب الفكري:
يُعتبر الإرهاب الفكري من أسهل الأفكار الإرهابية الحاصلة في عصرنا الحالي وهو يهتم بمحو الفكر الحالي وإدخال الأفكار الجديدة ببطء شديد قد يستمر إلى سنوات من العمل.
- الإرهاب النفسي:
وهو ممارسة الضغوط على شخص ما من خلال تخويفه وتهديده أو نشر الشائعات عنه بشكل مستمر حتى يفقد توازنه وفكره السليم.
- الإرهاب الثوري:
يتم من قبل المنظمات التي تحمل رغبة في تغيير السلطة، ولكنها لا تستطيع اجراء التغييرات عليها فتعمل على شن هجمات ضد الدولة وغالباً يكون هذا العمل ضد أشخاص بعينهم ولا يتعدى المواطنين أو الممتلكات العامة.
ومن الممكن أن يتحول إلى إرهاب فوضوي محكم بهياج عواطف الجماهير فمن الممكن أن يحصل ضحايا بين المعارضين مع بعضهم البعض.
- الإرهاب الأعمى:
وهو الإرهاب الممارس بطريقة عشوائية نحو جميع الموجودين من مدنيين وغيرهم بغرض زعزعة الأمن بشكل عام.
- الإرهاب السياحي:
وهو الإرهاب القائم على الجماعات السياحية عن طريق اختطافهم وطلب الفدية أو قتلهم وتعذيبهم أو بيع اعضائهم وما شابه.
مكونات الإرهاب:
- المُنفذ: وهو الشخص الذي يفعل العمل الإرهابي من تهديد وقتل وتعذيب. وغالباً ما يأخذ المًنفذ أوامره من قيادات أكبر منهم بمقابل مالي.
- المًفكر: وهو المخطط للعملية الإرهابية وغالياً ما يكون وراء الستار ولا يساهم في عملية التنفيذ. فالمًفكر لديه العقل الاستراتيجي الذي يأتي بالخطة المثالية للعملية الإرهابية. عن طريق تخطيط التوقيتات المناسبة ودراسة العناصر المؤدية لنجاح العملية الإرهابية.
- الممولون: وغالباً يكون الممول شخص من مكانة راقية يخدمه هذا العمل الإرهابي ويمول له للحصول على مبتغاه من خلف الأنظار.
- المتعاطفون: وهم الحاضنون للإرهابيين حتى وإن لم يكونوا من ضمن المشاركين بها. وغالباً ما يكونون من أفراد العائلة للقائمين على العملية فيتجهون للصمت وعدم البوح أو الإبلاغ بالعمليات الإرهابية.