عوارض الأهلية

في هذا البحث نتحدث عن عوارض الأهلية بطريقة مختصرة ونناقش أهم الجوانب بها وأحكامها:

عوارض الأهلية تنقسم لقسمين:

تنقسم أهلية الأداء إلى:

  1. عوارض سماوية: هي التي تثبت من قبل صاحب الشرع بدون اختيار الإنسان ولهذا نسبت إلى السماء.
  2. عوارض مكتسبة: هي ما كان للإنسان فيها كسب واختيار.

العوارض السماوية (لعوارض الأهلية):

أولاً: الجنون

هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج العقل إلا نادرا.

وهو نوعان:

1-أصلي: أن يبلغ الإنسان مجنونا.

2-طاريء: أن يبلغ عاقلا ثم يطرأ عليه الجنون وكل منهما إما ممتد أو غير ممتد.

الأحكام:

في أهلية الوجوب: لا يؤثر.

أهلية الأداء: يؤثر فيعدمها.

العبادات:

 1-إذا كان ممتد يسقطها.

2-إذا كان غير ممتد فيبقى الوجوب.

الحجر شرعا: المنع من التصرفات القولية لا الفعلية وفي الجنون المنع من انعقادها حتى لو كانت نافعة للمجنون نفعا محضا.

وينص القانون المدني العراقي على أن المجنون في حكم الصغير غير المميز، وأنه محجور لذاته وأن تصرفاته في حال إفاقته، إذا كان جنونه غير مطبق، كتصرفات العاقل.

ثانياً: العته

اختلال في العقل، يجعل صاحبه قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير.

وهو نوعان:

1-عته لا يبقى معه إدراك أو تمييز وهو بالأحكام كالمجنون.

أحكامه:

أهلية الأداء: تنعدم.

أهلية وجوب: معدومة.

العبادات: لا تجب.

2-عته يبقى معه إدراك وتمييز، ولكن ليس كالعقلاء وهو بالأحكام كالصبي المميز ولا تثبت في حقه العقوبات.

أحكامه:

أهلية أداء: ناقصة.

أهلية وجوب: كاملة.

العبادات: لا تجب، ولكن تصح منه.

وينص القانون المدني العراقي على عدم اشتراط الحجر للمعتوه، كما جعله كالصبي الصغير المميز في الأحكام دون تفريق بين أنواع العته.

ثالثاً: النسيان

عارض يعرض للإنسان فلا يجعله يتذكر ما كلف به.

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء والوجوب.

في حقوق الله تعالى: فالناسي لا إثم عليه.

في أحكام الدنيا: قد يكون عذرا مقبولا مثل أكل الصائم ناسيا.

رابعاً: النوم والإغماء

الأحكام:

ينافي أهلية الأداء والوجوب.

العبادات: واجبه لكن الأداء في الحال مرفوع.

خامساً: المرض

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء وأهلية الوجوب.

نكاح المريض مرض الموت: صحيح.

طلاق المريض مرض الموت: يقع.

وينص القانون المدني العراقي أن المطلقة في مرض الموت ترث من زوجها. إلا أنه جاء بحكم غريب وهو ان طلاق المريض مرض الموت لا يقع، وهذا خلاف المعروف بالفقه الإسلامي وهو أن أهلية الطلاق لا تختلف بالصحة والمرض.

سادساً: الموت

آخر العوارض السماوية وبه يكون الانسان عاجزا عجزا تاما فتسقط جميع التكليفات الشرعية.

الأحكام:

انعدام أهلية الأداء وأهلية الوجوب.

سقوط الزكاة:

قال البعض في الحنفية: بسقوط الزكاة.

قال البعض في الشافعي: بعدم سقوط الزكاة.

أهلية الوجوب:

القول الأول: تفنى بعد الموت مباشرة لأن أساسها حياة الانسان أما ديونه فمصيرها السقوط اذا لم يترك مالا.

القول الثاني: ذمة الميت لا تفنى ولكنها تضعف ولضعفها تبقى معها أهلية الوجوب في الجملة.

العوارض المكتسبة (لعوارض الأهلية):

أولاً: الجهل

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء وأهلية الوجوب.

الجهل في دار الإسلام: أن الجهل لا يعد عذرا في دار الإسلام، لأن العلم فيها مفروض على من فيها.

وهو نوعان:

1-جهل شفيع بالبيع.

2-جهل الوكيل بالعزل عن الموكل.

لا يعذر بالأحكام الواضحة العامة التي لا رخصة لأحد بجهلها، ولكنه يعذر بموضع الاجتهاد.

القاعدة بالقوانين الوضعية: متى ما نشرت بالطرق المقررة لها فإن العلم بها يصبح مفروضا للجميع.

الجهل في دار الحرب: العلم فيها لا يفترض.

ثانياً: الخطأ

وقوع القول أو الفعل من الإنسان على خلاف ما يريده.

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء ولا أهلية الوجوب.

في حقوق العباد:

وعند الجمهور كالشافعية والجعفرية وغيرهم: لا يقع طلاق المخطيء، ولا يعتد بسائر تصرفاته القولية.

ثالثاً: الهزل

أن يراد بالشيء مالم يوضع له.

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء ولا أهلية الوجوب.

أقسام التصرفات القولية المقترنة بالهزل:

1-الاخبارات: وهي الاقرارات والهزل يبطلها.

2-الاعتقادات: وهي الأقوال الدالة على عقيدة الإنسان والهزل لا يمنع أثرها.

3-الانشاءات: إيقاع الأسباب التي تترتب عليها الأحكام الشرعية المقررة لها وهي نوعان:

الأول: لا يبطله الهزل كالنكاح والطلاق والرجعة.

الثاني: يؤثر فيه الهزل بالإبطال أو الفساد: كالبيع والإجارة.

رابعاً: السفه

لغة: الخفة. 

اصطلاحا: عبارة عن التصرف في المال على خلاف مقتضى الشرع والعقل، مع قيام العقل.

الأحكام:

لا ينافي أهلية الأداء وأهلية الوجوب.

دفع المال لمن بلغ سفيهاً: الصبي إذا بلغ سفيهاً لا يدفع إليه المال.

السفه في القانون المدني العراقي لم يجعل السفيه محجورا عليه لذاته، بل لابد من قرار من المحكمة المختصة بالحجر عليه، وكذلك لا يرفع عنه الحجر إلا بقرار من المحكمة.

فاذا حُجِر كان حكمه في المعاملات المالية حكم الصغير المميز، أما قبل الحجر فحكمه حكم البالغ العاقل الراشد وأجاز له القانون الوصية بثلث ماله. ونكاحه وطلاقه صحيح قبل الحجر وبعده.

خامساً: السكر

هوا زوال العقل بتناول الخمر، وما يلحق بها بحيث لا يدري السكران بعد إفاقته ما كان قد صدر منه حال سكره.

وهو نوعان:

أولا السكر بطريق مباح:

إذا شرب المسكر اضطرارا، أو إكراها، او عن غير علم بكونه مسكر، أو شرب دواء فأسكره.

الأحكام:

كحكم المغمى عليه ينافي أهلية الأداء وأهلية الوجوب.

أما تصرفاته الفعلية فيؤاخذ عليها.

ثانيا: السكر بطريق محظور:

وهنا اختلف الفقهاء في الحكم والسبب هو أن زوال العقل جاء بطريق محرم وعلى هذا نستدل بقانون الأحوال الشخصية العراقي: على عدم وقوح طلاق السكران ولم يقيد ذلك بكون سكره بطريق مباح أو محظور، فيجب حمل النص على إطلاقه، فلا يقع طلاق السكران مطلقا. وكذلك لا يقع نكاح السكران بموجب القانون المذكور لأنه اشترط لأهلية النكاح: العقل والبلوغ، وهذا يدل على نكاح السكران باطل اذ هو زائل العقل. ويقاس على ذلك سائر تصرفاته القولية، لأن الشرط في صحتها: القصد والاختيار، والسكران لا قصد له ولا اختيار.

سادساً: الإكراه

حمل الغير على أمر يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على ايقاعه، ويصير الغير خائفا به.

شروط تحقق الإكراه:

1-أن يكون الحامل متمكنا من إيقاع ما هدد به.

2-أن يكون الفاعل خائفا من هذا التهديد.

3-أن يكون المكره به أي ما هدد به ضررا يلحق النفس بإتلافها، أو بإتلاف عضو منها، أو بما دون ذلك: كالحبس والقيد والضرب.

أنواع الإكراه:

1-الإكراه الملجيء وهو الذي يكون بإتلاف النفس أو بعضو منها كالتهديد بقتل من يهم الإنسان أمره. وسمي ملجئا لأنه يلجيء الفاعل ويضطره الى مباشرة الفعل خوفا من الموت أو ما شابه.

وهو يفسد الاختيار ويعدم الرضا، ولكن لا يعدم الاختيار.

2-الإكراه غير الملجيء وهو يكون بما لا يفوت النفس أو عضوا منها كالضرب أو الحبس.

وهو لا يفسد الاختيار، ولكن يعدم الرضا.

الاحكام:

لا ينافي أهلية الأداء ولا أهلية الوجوب في العوارض الأهلية سواء كان ملجئا أو غير ملجيء.

ونص القانون المدني العراقي على أن عقود الفاعل موقوفة سواء كان الإكراه ملجئا أو غير ملجيء. أما في الأفعال التي تنشأ عنها مسؤولية مدنية: كإتلاف المال أو النفس فالفعل يضاف إلى الفاعل ويثبت أثره في حقه، ولا يضاف إلى الحامل إلا إذا كان الفاعل مكرها إكراها ملجئا. وفي قانون العقوبات العراقي: لا يسأل جزائيا من ارتكب جريمة الجأته إليها ضرورة وقاية نفسه، أو غيره ، أو ماله ، أو مال غيره.

انظر الى حكم الفتوى بغير علم.

Exit mobile version